للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، أو بمال غير طيب، فهو لا حق بمسجد الضرار ﴿وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لغرض التفريق بين جماعة المؤمنين تفريقا ﴿وَإِرْصاداً﴾ الإرصاد الإعداد والانتظار، لأنهم بهذا المسجد كانوا يترصّدون المنافقين والمذبذبين من ضعاف الإيمان كنقطة تجمع لهم ﴿لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ وهو أبو عامر الراهب وأتباعه ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ من البداية ومن قبل بناء مسجد الضرار، لأن أبو عامر ناصب المسلمين العداوة من البدء ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ﴾ كذبا ﴿إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى﴾ أردنا الإرادة الحسنى ببناء المسجد، يدّعون أنهم بنوه لصالح المسلمين ﴿وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ في أيمانهم.

﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ (١٠٨)

١٠٨ - بعد أن وصفت الآية المتقدمة مسجد الضرار بأنه مدعاة لأربعة مفاسد: وهي الضرار، والكفر، وتفريق المؤمنين، والإرصاد، تنهى هذه الآية الرسول عن القيام فيه:

﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً﴾ القيام مجاز عن الصلاة، أي لا تقم للصلاة في مسجد الضرار ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ قيل هو مسجد قباء لأنه أسّس قبل مسجد المدينة، وقيل المسجد النبوي، ولفظ الآية يمكن أن ينصرف لكل منهما، لأنّ كلاّ منهما قد أسسه النبي على التقوى من أول يوم شرع في بنائه، أي قصد ببنائه تقوى الله تعالى بإخلاص العبادة فيه، وقصد اجتماع المؤمنين فيه على ما يرضيه تعالى ﴿أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ يجدر أن تقوم للصلاة فيه ﴿فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ من الذنوب والمعاصي ومن التقصير في العمل، إضافة أنّ قيامهم فيه يتطلب طهارتهم الجسمية، فبذلك تكتمل طهارتهم النفسية والبدنية ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ المبالغين في الطهارات النفسية والجسمية معا، قال الرازي: إنّ طهارة الظاهر إنّما يحصل لها أثر عند الله لو حصلت معها طهارة الباطن من الكفر والمعاصي، أمّا لو حصلت طهارة الباطن من الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>