للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستأذنون الرسول بخصوص الجهاد بأموالهم وأنفسهم، فلا يستأذنون في القعود، ولا يختلقون الأعذار للتخلف ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ من غيرهم.

﴿إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَاِرْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ (٤٥)

٤٥ - وهذه صفة من صفات المنافقين: ﴿إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ﴾ في القعود والتخلف لأعذار مختلقة ﴿الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ لا يؤمنون إيمانا يقينيا، وإنّما إيمانهم لا يتعدّى المظاهر، ولذا يعتبرون التضحية لأجل الجهاد مغرما يفوّت عليهم بعض المنافع الدنيوية ﴿وَاِرْتابَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ داخلها الشك في دعوة الإسلام ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ هم في حيرة من أمرهم بين الدين والدنيا، فقد قبلوا من الإسلام ما يسهل عليهم أداؤه كالعبادات، ثمّ إذا حان وقت العمل والتضحيات المادية وتحمّل المشقة حاولوا التملّص بشتّى الأعذار.

﴿وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ اِنْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اُقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ﴾ (٤٦)

٤٦ - ﴿وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ﴾ إلى القتال ﴿لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ الدلالة على عدم جدّيتهم أنّهم لم يعدّوا العدّة من البدء، من سلاح وخيل وزاد، فالأعذار الطارئة التي تذرّعوا بها ليست حقيقية ﴿وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ اِنْبِعاثَهُمْ﴾ من المدينة معكم ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾ كسّلهم وثبّط هممهم للأسباب المذكورة في الآية التالية، والضمير عائد لله تعالى رغم أن ذلك من أعمالهم الاختيارية بسبب ترددهم وميل نفوسهم إلى التخاذل، راجع شرح آية [البقرة ٧/ ٢]، ﴿وَقِيلَ اُقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ﴾ مع العجزة والمرضى والنساء والمتخلفين، وهذا القيل يحتمل عدة معان: فقد يكون القائل هو الشيطان على سبيل الوسوسة، وقد يكون أنهم قالوا ذلك لبعضهم البعض حينما أجمعوا على القعود، وقد يكون القائل الرسول حينما أذن لهم في القعود، ويحتمل أنّ القائل هو الله تعالى بمعنى أنهم إن اختاروا القعود فالله تعالى لا يجبرهم على الخروج، وهو بيان لسنته

<<  <  ج: ص:  >  >>