وأراد البعض من ضعاف النفوس أن يبعثوا إلى عبد الله بن أبيّ فيأخذ لهم أمانا من أبي سفيان ﴿وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً﴾ من ينكص عن دينه يضر نفسه فقط لأن الإسلام ليس بحاجة لأحد من الناس أو لطائفة منهم، ولكن العكس هو الصحيح فالبشرية هي التي بأمس الحاجة للإسلام، وقد تعهّد تعالى بحفظ دينه وإنجاز وعده فلا يحول دون ذلك ارتداد بعض الضعفاء والمنافقين ﴿وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ﴾ وهم الصابرون في المحن، وسمّاهم تعالى شاكرين لأنهم بفعلهم شكروا الله على نعمة الإسلام، وقد كان لهذه الآية أثرها في توطين نفوس المسلمين وإعدادها لما وقع بعد ذلك بعشر سنين، فقد ذكروا أن توبيخ المنقلبين على أعقابهم بهذه الآية قد ظهر أثره يوم وفاة النبي ﷺ إذ ارتد يومئذ البعض من الناس وثبت الصادقون على دينهم حتى كانت العاقبة لهم، كما كان لهذه الآية أثرها في تثبيت قلوب المسلمين عند ما قال لهم أبو بكر:
من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا الآية.
١٤٥ - شاع يوم أحد أن محمدا ﷺ قتل، فالله تعالى يقول ﴿وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ﴾ فلا تموت النفس إلا بإذن الله وبقضائه وقدره، فرغم الأهوال وأسباب الهلاك التي واجهت النبي ﷺ في المعركة كان الله تعالى حافظا له وناصرا ولم تصل إليه أسباب الموت ﴿كِتاباً مُؤَجَّلاً﴾ كتب تعالى آجال النفوس منذ الأزل فلا تموت نفس إلا بأجل محدود في علم الله، وهو توبيخ لضعاف المسلمين بأن الحذر لا يمنع المقدّر، ولا ينافي ذلك أن كل شيء يجري بأسباب وفق السنن الكونية، وأنّ الكتاب المؤجّل كناية عن علم الله المسبق لكل شيء ﴿وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها﴾ أي