للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة إلخ .. ، وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية، ولا استعدادا لذلك اليوم فما فائدة العلم به إذن؟ وهل كان النبي يريد بالإخبار بها تأمين الناس من قيام الساعة قرون عديدة إلى أن تظهر هذه الأشراط؟ أم كان يتوقع ظهورها في قرنه أو ما يقرب منه بدليل ما زعموا من تجويزه ظهور الدجال في زمنه؟ (المنار).

وفي قوله تعالى ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها﴾ [محمد ١٨/ ٤٧]، ﴿فَقَدْ﴾ للتحقيق قبل الفعل الماضي، ما يفيد أن أشراط الساعة قد جاءت وانتهت بنزول القرآن الكريم وببعث خاتم الأنبياء والرسل محمد وهي الأشراط المقصودة، لأن الساعة لا تقوم قبل بعث الرسول إلى البشرية كافة وهو مغزى بعثته ، فلم يبق بعد البعثة الإسلامية إلا انتظار الساعة أن تأتي بغتة وهو معنى الآية بدليل قوله تعالى بعدها: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ﴾ [محمد ١٩/ ٤٧]، فلا نبيّ بعده ، وقد تكرر معنى مجيء الساعة بغتة ثماني مرات في القرآن الكريم.

﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (١٨٨)

١٨٨ - ﴿قُلْ﴾ أيها النبي لمن يسألونك عن الساعة ﴿لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اللهُ﴾ تأكيد على أن النبي بشر، وأن النفع والضرر يكون بمشيئة الله، وليس بمشيئة البشر من رسل وغيرهم ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ علم الغيب عند الله وحده، وليس لمخلوق أن يكون له نصيب مهما كان في الصفات والمقدرة التي اختص بها الخالق ﴿إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ وهي وظيفة الرسول الوحيدة أن يكون نذيرا بالعواقب وبشيرا لمن لديه استعداد للإيمان، وليس من شأنه معرفة الغيب، ولا جلب المنافع ودفع الضرر إلا بموجب ما تقتضيه سنن الله في خلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>