ثم تنتقل السورة إلى موضوعها الرئيسي وهو جدل المصرّين على الكفر، المبتهجين بما عندهم من "العلم"، في حين يبدو لمن يغترّ بالمظاهر أنهم يفعلون ما يشاؤون في الدنيا بلا حساب: ﴿ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ﴾ (٤)،
وتضرب السورة مثلا بالمجادلين قبلهم من الأمم البائدة الذين حاولوا دحض الحق بالجدل بالباطل - وهو أمر مستمر إلى اليوم -: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ﴾ (٥)،
ثم يكون عذاب المكذّبين عاقبة طبيعية لما كانوا عليه في دنياهم من الباطل:
وأن الله تعالى - كما يفرح بتوبة عباده - فهو يمقت لهم الكفر أكثر من مقت الكفار لأنفسهم يوم يقرّون بالحقيقة ويعاينون العذاب، ويندمون على ما كانوا عليه من ضلال وإصرار: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ﴾