٢٢ - ﴿فَدَلاّهُما﴾ في المعصية، ودلّى الشيء تدلية أي أهبطه شيئا فشيئا، وهو من دلّى الدلو في البئر، والمعنى ما زال إبليس يخدعهما بالوساوس لترغيبهما بالأكل من الشجرة، ثم أقسم إنه ناصح لهما، حتى أسقطهما في المعصية، وحطّهما عمّا كانا عليه من البراءة وسلامة الفطرة ﴿بِغُرُورٍ﴾ الغرور ما يغترّ به، والمعنى أنه خدعهما بالباطل ﴿فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما﴾ بنتيجة المعصية، لأن بدوّ السوأة، أي الخيبة والضلال والفساد والبؤس، نتيجة طبيعية ولازمة للاختيار الخاطئ - المعصية -، والعوام تقول "فلان انكشف" أي انكشفت رذائله ﴿وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ يجعلان ورقة على ورقة لستر السوأة ﴿وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما﴾ بما أودعت في عقولكم من التفكير والمحاكمة وإدراك المعقولات ﴿عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ﴾ في روح المعاني أنها شجرة الهوى، ويحتمل أنها رمز للحدود التي وضعها الخالق، ﷿، تجاه شهوات ورغبات الإنسان الجامحة، ممّا يمكّن الإنسان من اختيار طريق الخير أو الشر ﴿وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ بالوساوس السيئة التي يدخلها في عقولكم.
٢٤ - ﴿قالَ اِهْبِطُوا﴾ إلى الأرض من المنزلة التي كنتم عليها في الجنة، ويلاحظ أنّ الهبوط لم يكن عقابا لأنه تعالى قبل توبة عبده آدم قبل ذلك [البقرة ٣٧/ ٢]، وأنّ سكنى آدم وزوجه في الجنة مؤقت أصلا لقوله ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي﴾