أنظر حولي وأشعر بالأسى على الذين استعبدتهم شخصية مسيح مبتكرة فرضت عليهم بنتيجة تراث ضيق وصارم (ص ١٩)، نحن نسعى للتوصل إلى إنجيل عيسى ذاته، نبحث عن المسيحية الحقيقية في شكلها البسيط النقي (ص ٢٠)، نسعى إلى تحرير المسيح من القيود التي فرضت على شخصه، وعندئذ قد نكتشف المسيح الذي ينسف مفاهيمنا المتوارثة، ثم نقع في حرج ممّا اكتشفناه، وممّا نحن عليه الآن من العقائد، فلو أطلقنا المسيح من زنزانة عقائدنا الحالية فقد يحتج على الألقاب التي ألصقناها به، وعلى الكنيسة التي أسّسناها باسمه، ويحتج على البابا ورجال الدين والوعّاظ، ويحتمل حينئذ أننا لن نقبل بالمسيح الحقيقي في نطاق مسيحيتنا الحالية (ص ٢٢)، إن المسيحية الحالية لم تبدأ بعيسى، وهو لم يكن المسيحي الأول، فعندما نتكلم عن مؤسس المسيحية الحالية يجب أن نلتفت إلى بولس، لقد رأى بولس، اليهودي المثقف الذي لم يلتق عيسى قط، رأي في شخص عيسى الإله المخلّص من الطراز الهلنستي الأسطوري، الإله الذي يموت ثم ينهض من الموت، لقد رفعوا عيسى تدريجيا خلال القرنين الثاني والثالث الميلادي إلى مرتبة الألوهية، إلى أن بدأت المسيحية تأخذ شكلها المحدد بقرارات إمبراطورية وكنسية (ص ٣١ - ٣٥)، إنها عقلية العالم الروماني/اليوناني في ذلك الوقت، فبالنسبة للثقافة اليونانية كانت عقيدة الآلهة المتعددة وحكاياتها الأسطورية مرافقة للحياة اليومية، وفي ذلك الوسط نشأت المسيحية الهلنستية، لقد تحوّل عيسى محطّم الرموز إلى مجرّد رمز (ص ٤٤).
١١٧ - ﴿ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾ وهي رسالة التوحيد خالية من الشرك ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ﴾ فقط