للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿اُدْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ القرية في لغة القرآن هي المدينة أو المجتمع أو البلد، كقوله تعالى: ﴿عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف ٤٣/ ٣١] أي مكة والطائف، أو فارس والروم، والعرب تسمّى المدينة قرية، وفي هذه الآية يبدو أن الإشارة لفلسطين، وقيل بيت المقدس أو أريحا ﴿فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً﴾ تمتعوا من خيراتها ﴿وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً﴾ ادخلوا فلسطين متواضعين خاشعين لله تعالى، مستغفرين تائبين، ولا تدخلوها دخول الطغاة المحتلين، وكونوا قدوة لغيركم من الناس في المعاملة وحسن الدعوة، حتى يدخلوا في الدين أفواجا، مثلما دخل النبي مكة وقت الفتح، ومثلما دخل المسلمون البلدان المفتوحة بعد فجر الإسلام ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ﴾ كان المطلوب منهم دخول القرية تائبين مستغفرين طالبين من الله تعالى أن يحطّ عنهم خطاياهم، وتقدير الخطاب: حاجتنا حطّة، أي نرجو الله أن يحط عنا ذنوبنا حطّة ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ أجرا وثوابا.

﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (٥٩)

٥٩ - ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ بدّلوا رسالة الإيمان والدعوة إلى الخير والقدوة الحسنة بالطغيان والفساد، وقد دخلوا فلسطين دخول الطغاة على عكس ما طلب منهم من التواضع والخشوع، ﴿فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ﴾ بعد دخولهم فلسطين، بلغ التمرد والوحشية منهم مبلغا حتى سلط الله عليهم الرجز، وهو العذاب المشار إليه في آية [المائدة ٥/ ٣٣] وآية [الأعراف ٧/ ١٦٧]، وقصص دخول اليهود فلسطين بصورة وحشية مذكورة في كتبهم بالتفصيل، وهي الكتب التي حرّرها أحبارهم وجعلوها جزءا من كتابهم المقدس، وقد حفلت بفنون الغدر والمباغتة والفظائع الوحشية والأعمال الترويعية، وإشاعة الهلع والذعر بين السكان، وتقتيل الأطفال والشيوخ والنساء، وتقطيع الأشجار وردم الآبار، وحتى البقر والغنم والحمير لم تسلم منهم، انظر

<<  <  ج: ص:  >  >>