البأساء: البؤس والفقر، والضراء: الضرر والمرض، وتقدير الخطاب أنه تعالى ما أرسل من نبيّ، فكذّب به قومه، إلاّ أخذهم بالبأساء والضراء ﴿لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾ أي كان الغرض من أخذهم بالبأساء والضراء أن يتضرعوا لله، بمعنى يبتهلوا ويخشعوا ويتواضعوا ويذعنوا لرسالاته.
٩٥ - ﴿ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ﴾ السيئة كل ما يسوء صاحبه، والحسنة ما يستحسنه، والمعنى أنه تعالى جعل لهم الرخاء مكان البأساء والضراء، لعلهم يشكرون النعم ﴿حَتّى عَفَوْا﴾ حتى كثروا وتكاثرت أموالهم ﴿وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرّاءُ وَالسَّرّاءُ﴾ اعتبروا تعاقب الشدائد والرخاء أمرا طبيعيا لا علاقة له بعواقب أعمالهم وذكراهم ﴿فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً﴾ بعد أن انقضت مهلتهم ولم تنفع معهم رسالات الرسل، ولم يذكّرهم تعاقب المحن والرخاء بشيء ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ دون أن يخطر ببالهم أي شيء من المكروه، لشدة غفلتهم عمّا جاء به الرسل.
٩٦ - ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا﴾ بما جاءت به الرسل ﴿وَاِتَّقَوْا﴾ الكفر والشرك وسوء الأخلاق ﴿لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ﴾ ليسّرنا عليهم الخيرات والرخاء والصحة من كل جانب ﴿وَلكِنْ كَذَّبُوا﴾ الرسل والوحي ﴿فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ بسبب ما كانوا يكسبون من أعمال الشر.
٩٧ - ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ﴾ ماذا يتوقعون بعد تكذيبهم الرسل؟ هل يأمنون مجيء العذاب وهم غافلون عمّا ذكّروا به؟ في إشارة واضحة لمصير الأمم البائدة من قبلهم.