٥٢ - ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ﴾ اقتضت سنته تعالى في خلقه أن يكون المذكورون في الآية السابقة ملعونين، أي بعيدين عن موجبات رحمته ﴿وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً﴾ لأنه لا سبيل لتغيير سنته تعالى في الخلق، أنظر آية [الأحزاب: ٣٣/ ٦٢]، فيكون الخذلان نصيب الذين آمنوا بالطغيان والباطل والخرافات.
٥٣ - ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِيراً﴾ المعنى أن اليهود ليس لهم نصيب من الملك، ولو كان لهم فإنهم في منتهى الشح ويرفضون أقل قدر من المنفعة المادية أو الدينية أو الروحية لغيرهم، ولو كان لهم نصيب في الملك لبخلوا على غيرهم بأقل القليل، فهم يستأثرون لأنفسهم بالمال لبخلهم، ويستأثرون بالدين لاعتقادهم بأنهم شعب الله المختار، كما أن الدين بنظرهم دين عنصري حوّلوه إلى مجرد جنسية قومية خاصة بهم، والملك أيضا قد يكون ما يسعون إليه لإعادة ما يظنون أنه ملكهم في فلسطين وبيت المقدس فحينئذ يستأثرون بكل شيء ويضيقون الخناق على غيرهم من أصحاب البلاد.
٥٤ - ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ الفضل هنا بمعنى الوحي، والناس هنا هم العرب، وهو من قبيل إطلاق العام على الخاص، أي كيف يحسدون العرب من ذرية اسماعيل على انتقال النبوة إليهم؟ ونظيره قوله تعالى: ﴿ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ﴾