١٧ - ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ﴾ المعنى أنّ الهداية إلى التوبة والإرشاد إليها والإعانة عليها كل ذلك على الله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ﴾ في حق من يرتكب الذنب على سبيل الجهالة، وقد وردت كلمة السوء بصيغة المفرد، والمغزى أن عمل السوء ليس متكررا من صاحبه، وقالوا أيضا أن كل من عصى الله سمّي جاهلا وسمّي فعله جهالة كما في قوله تعالى على لسان يوسف ﵇ ﴿وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ﴾ [يوسف: ١٢/ ٣٣].
﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ ورد في تفسير المنار أن هذه الآية بيّنت الوقت الذي تقبل فيه توبة المذنب، والآية التالية بيّنت وقت فوات التوبة، أما بين الوقتين فقد سكت القرآن عنه فهو بين الرجاء والخوف، فكلما قرب وقت التوبة من وقت ارتكاب الذنب كان الرجاء أقوى، وكلما بعد الوقت بالاصرار وعدم المبالاة والتسويف كان الخوف من عدم القبول هو الأرجح، ولا ينافي ذلك ما ورد في الحديث «أن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» فإن المقصود من ذلك أنه لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله وييأس من التوبة ما دام حيا، وليس المقصود أنه لا خوف على العبد من التمادي في الذنوب حتى ما قبل الموت ولو بساعة فذلك مخالف لهدي القرآن ﴿فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ﴾ الذين يتوبون من قريب ﴿وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ لأنه تعالى عليم بشؤون عباده حكيم في قبول التوبة منهم.