للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدّمة الربع الرابع [*]

﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصّلت ٤٤/ ٤١]

تتسم معظم تفاسير القرآن الكريم بأنها تفسر القرآن آية آية بالتجزئة، كما لو كانت كل آية من الآيات مستقلة بذاتها عما قبلها وعما يليها، دون كثير اهتمام بترابط الآيات بعضها مع بعض، ودون التركيز على النظم القرآني المحكم، لدرجة أن البعض، في تجاهل واضح للنظم، قد يعتقد أن ليس هنالك من علاقة بين ترتيب الآيات وبين معانيها، ولا شك أن هذا الأمر وقف عائقا بين بعض المستشرقين وبين فهم القرآن حتى أنهم توصّلوا إلى استنتاجات خاطئة من قبيل أن القرآن كتاب غير مفهوم أو غير منتظم أو غير محكم، وأدّى هذا الأمر ببعضهم إلى محاولة إعادة ترتيب القرآن بحسب ترتيب النزول الزمني في مسعى منهم لمحاولة فهمه، وهذه الصعوبة ليست مقتصرة على المستشرقين وحدهم بل تعم الكثير من المسلمين أنفسهم، ناهيك عن حديثي العهد بالإسلام منهم.

والمعروف أن للإعجاز القرآني الكثير من الوجوه اثنان منها على الأقل له علاقة بالنظم، الوجه الأول أن القرآن الكريم نزل على النبي على مدى ثلاث وعشرين سنة من البعثة النبوية بحسب الظروف المرحلية للبعثة وطبقا لمتطلباتها في كل مرحلة من مراحلها، وكان الوحي يبيّن للنبيّ عند نزول كل آية موضعها الصحيح من السورة الخاصة بها، كما كان يبيّن له ترتيب


[*] (تعليق الشاملة): بدأ الكاتب بالربع الرابع من القرآن الكريم، ونشره أولا، ثم نشر الربع الأول ثم الثاني ثم الثالث، تباعًا
لهذا جاءت مقدمة الربع الرابع مفصلة، فأعادها في بداية الأرباع الأخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>