﴿وتحثهم على جمع الكلمة تجاه العدو: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ (٤)
وأن سبب فشل اليهود أنهم صدّقوا رسالة موسى قولا ولم يعملوا بمقتضاها:
﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ﴾ فالنبي موسى لم يترك عند اليهود أدنى شك أنه رسول الله إليهم حتى أقرّوا بذلك، لكن سلوكهم وعصيانهم المتكرر كان مغايرا لإقرارهم، وهذا الأمر واضح جدا ليس فقط في القرآن الكريم، بل في كتبهم "المقدسة"، والنتيجة الطبيعية لهذه الحال أن ينعكس الإصرار على المعصية سلبا على العقيدة: ﴿فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ﴾ (٥)
ثم تكررت معصيتهم على أشنع حال مع آخر أنبيائهم عيسى ﵇:
﴿وَإِذْ قالَ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ﴾ إذ جاءهم ليصدّق ما تبقى بين يديه، وقت بعثته، من الوحي الصحيح الذي بقي في التوراة، بعد أن كتبوا وأضافوا الكثير من عندهم وزعموا أنه وحي، انظر آية [البقرة ٧٩/ ٢]: ﴿مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ﴾ وليبشرّهم بمقدم النبي الأحمد المذكور في كتبهم (سفر التثنية ١٨/ ١٨)، وهو خاتم الأنبياء والرسل المخلّص المنقذ من الضلال الذي كانوا يستعجلون قدومه: ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ ولكنهم لعصبيتهم كانوا يتوقون أن يبعث النبي الأحمد من بين ظهرانيهم، لاعتقادهم أن الرسالات السماوية حكر عليهم، وقد فنّد القرآن الكريم دعواهم باقتصار الرسالات السماوية عليهم، انظر آية [الحديد ٢٩/ ٥٧]، كما حذّرهم عيسى ﵇ من هذا الاعتقاد بل أنذرهم أن عبء الرسالات السماوية سوف ينزع منهم ويعطى لأمة تؤتي ثمارها، أنظر كتابهم المقدس سفر (متّى ٤٣/ ٢١)، فزعموا أنه ساحر، ثم لما جاءهم النبي الأحمد بمعجزة القرآن الكريم نسبوه أيضا إلى السحر: ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)﴾