﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اِسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ (١) قيل أن الجن الذين استمعوا النبي ﵇ وهو يتلو القرآن هم من يهود نصيبين (الرازي) بدليل أنهم خاطبوا قومهم بعد ذلك قائلين: ﴿قالُوا يا قَوْمَنا إِنّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأحقاف ٣٠/ ٤٦]، فقولهم: ﴿مِنْ بَعْدِ مُوسى﴾ يدلّ على أنهم لم يعترفوا ببعثة المسيح ﵇ من جهة، ومن جهة ثانية أنهم موحّدون استنكروا الشرك المسيحي القائل بالتثليث والزعم أن المسيح ابن الله، لقولهم: ﴿فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً * وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اِتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً﴾ (١ - ٣)
ثم قولهم: ﴿وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً﴾ (٤) ممّا قد يكون إشارة لشطط اليهود في اعتقادهم أنهم شعب الله المختار الأمر الذي يدحضه القرآن الكريم تماما،
وقولهم: ﴿وَأَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ (٥) فالكذب قد يكون إشارة لسفسطة اليهود عن طبيعة الذات الإلهية وعلاقتها مع الكون.
وقولهم: ﴿وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً﴾ (٦) قد يكون إشارة لمحاولة بعضهم تلمّس طريقه في الحياة بمحاولة اللجوء إلى قوى غيبية بدلا من ترقّب الهداية عن طريق خاتم الأنبياء والرسل، ورجال بمعنى أفراد منهم.
وقولهم: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً (٧)﴾ كون اليهود