للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (١٢٤)

١٢٤ - وهنا يعود النص إلى فحوى الآية (١٠١) إنّ القرآن الكريم نسخ ما قبله من الرسالات:

﴿إِنَّما جُعِلَ﴾ تعظيم ﴿السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ وهم اليهود، وقد بالغوا في تعظيمه حتى منعوا عمل الخير فيه، وحتى شفاء المرضى جعلوه محرما في السبت، حتى قال لهم عيسى : هل جعل السبت من أجل الإنسان؟ أم الإنسان من أجل السبت؟ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ وهو زعمهم أنهم شعب الله المختار، استعلاء واستكبارا على غيرهم من الأمم، وإن المسؤولية فردية لا علاقة لها بالنسب والسلالة،

﴿اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (١٢٥)

١٢٥ - بعد بلوغ الوحي السماوي ذروته بنزول القرآن الكريم، الذي نسخ الرسالة اليهودية (الآية ١٠١)، وبعد أن كفر بنو إسرائيل بعثة آخر أنبيائهم العظام عيسى ، لم يبق سوى بيان طريقة الدعوة إلى الإسلام، بما يتناسب مع قوله تعالى: ﴿لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة ٢٥٦/ ٢]:

﴿اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ﴾ بما يتناسب مع كل حالة من الحالات، ومع المستوى الفكري للطرف الذي أنتم بصدد دعوته، بعيدا عن الجمود والتشنج الفكري ﴿وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ الرفق في الموعظة لتأليف القلوب النافرة، والبعد عن الزجر والتأنيب ﴿وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ بالابتعاد عن الطعن في كبرياء الآخرين وكرامتهم، فالجدل ليس مباراة فكرية القصد منها إحراج الآخرين والشعور بالتفوق عليهم، بل كسب الخصوم إلى صف الدعوة ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ المعنى أن الداعي

<<  <  ج: ص:  >  >>