للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ (٥١)

٥١ - ﴿أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ سوف يؤمنون قطعا عند تحقق العذاب، ولكن الإيمان لا ينفع صاحبه وقتئذ، لأنه يصير اضطراريا، بالمشاهدة عيانا، وليس تصديقا بالقرآن وبالرسول ﴿آلْآنَ﴾ تؤمنون به اضطرارا، مع أنّ الإيمان في وقت الإلجاء والقسر باطل لا يفيد صاحبه؟! ﴿وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ تكذيبا بالقرآن واستكبارا!

﴿ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿ثُمَّ قِيلَ﴾ وقت وقوع العذاب - واستخدام الفعل الماضي للمستقبل لبيان وقوعه لا محالة - ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أنفسهم بالكفر وما يترتب عليه من الفساد والضلال ﴿ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ لأن الجزاء مترتب على ما كسبتموه باختياركم من الكفر والفساد في الأرض، وذلك بمقتضى السنن الحكيمة من ارتباط المسببات بالأسباب، راجع شرح الآيتين ٤ و ٨ أعلاه.

﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ (٥٣)

٥٣ - ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ﴾ يستخبرونك أيها النبي، أو أيها المؤمن ﴿أَحَقٌّ هُوَ﴾ أي هذا الوعد بالقضاء بينهم بالقسط المشار إليه في الآيتين (٤٧ - ٤٨)، أو هذا العذاب الذي يستعجل به المجرمون، هل هو حقّ؟ وسؤالهم دليل أنهم كانوا يظنّون الظنون، (الآية ٣٦)، ولم يكونوا على يقين من تكذيبهم، وإنّما كانوا بين الشك واليقين، وبين العناد والتقليد ﴿قُلْ﴾ لهم أيها النبي ﴿إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ وفائدة القسم أنّ العرب في ذلك العهد كان يقل فيهم الكذب لعزة أنفسهم، وعدم خضوعهم لرئاسة استبدادية تضطرهم إليه، وكانوا يهابون الأيمان الباطلة ويخافونها، أضف ما اشتهر به النبي من الصدق حتى لقّبوه بالأمين فلا يعقل أن يقسم باطلا ﴿وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ فلا تفوتون العاقبة المترتبة على تكذيبكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>