للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستبدال أمم أخرى بهم - الآية السابقة - ﴿وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ لا تستطيعون الخروج عن قدرته تعالى، ولا عن سنته في الخلق والعباد.

﴿قُلْ يا قَوْمِ اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ﴾ (١٣٥)

١٣٥ - ﴿قُلْ يا قَوْمِ اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ الخطاب للرسول بمواجهة كفار قومه، وأن يظهر لهم منتهى الثقة بأمره، وعدم المبالاة بهم، فيتحداهم بأن يعملوا غاية ما بإمكانهم واستطاعتهم من المعاندة والعداوة لأن ذلك لن يجديهم شيئا في نهاية المطاف ﴿إِنِّي عامِلٌ﴾ على مكانتي في مصابرتكم وفي الدعوة إلى الإسلام ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ﴾ عاقبة دار الحياة الدنيا، والمعنى سوف تعلمون أن الظفر والعاقبة الحسنى ستكون للإسلام لا محالة، وأن الدائرة سوف تدور عليكم ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ﴾ فلا يظفروا بغايتهم، وهذا الأمر وإن كان موجها في الأصل إلى النبي فهو - كما في كل آيات القرآن الكريم - أمر لكل مسلم وداعية في الثبات على عقيدته في كل زمن.

وقد يقول قائل: ما بال المسلمين إذن قد ضعفت شوكتهم واستعلت عليهم الأمم واستهانت بهم وتلاعبت بهم واستغلتهم، ما دام تعالى قد وعدهم بالنصر وأن تكون لهم عاقبة الدار؟ والجواب أنه تعالى لم يعد بنصر الذين يدّعون الإسلام اسما كيفما اتفق، وإنما وعد بنصر من يقيم الإسلام على حقيقته عن فهم، أما عندما يكون حظ المسلمين من دينهم كحظ من سبقهم من اليهود والمسيحية الذين حوّلوا دينهم إلى مجرد جنسية وعصبية لا غير، فعندئذ لا يكون لهم ميزة دينية على غيرهم تستدعي نصر الله لهم، بل تقتصر أسباب النصر في سائر الأسباب المادية والفنية والمعنوية، كإقامة العدل والنظام والشورى والعمل والصبر والثبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>