٥٢ - استمرار الخطاب من الآية (٤٩): ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ﴾ أن يبسط ﴿وَيَقْدِرُ﴾ لمن يشاء أن يقدر، فلا يكون للإنسان يد في ذلك ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ﴾ إشارات ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بمدلولات الأمور والحكمة منها، فكم من عاقل كادح قدر عليه رزقه، وكم من جاهل مبذّر بسط له في رزقه.
٥٣ - ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ﴾ الذين أفرطوا في المعاصي، من أمثال المشار إليهم بالآية (٤٩)، ﴿لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ﴾ لا تيأسوا من مغفرته سبحانه، فتوبوا إليه قبل أن تداهمكم المنية وقبل فوات أوان التوبة، انظر الآية التالية (٥٤)، ﴿إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾ بالتوبة والإنابة، انظر شرح آية [النساء ٤٨/ ٤] حيث تستثني الشرك لما فيه من مذلة للإنسان ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ المراد؛ التنبيه على أنه لا يجوز أن يظن العاصي أنه لا مفرّ له من العذاب البتة، لأن من اعتقد ذلك فهو قانط من رحمة الله، فعليه أن يتوب ويعود عن غيّه عاجلا قبل الفوات، انظر قوله تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام ٥٤/ ٦]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [النساء ١١٠/ ٤].
٥٤ - استمرار الخطاب، والمغزى: لا تقنطوا من رحمة الله فتظنوا أنه لا يقبل توبتكم: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ﴾ ارجعوا إليه وتوبوا ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ﴾ في الدنيا قبل الآخرة ﴿ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ بعد فوات أوان التوبة، وفي الحديث: ((من آيس العباد من التوبة فقد جحد كتاب الله، ولكن