للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإظهارا للشر الكامن في نفوسهم وسوء سريرتهم، فحقّ عليهم العذاب: ﴿إِنّا مُرْسِلُوا النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاِصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ * فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ * إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ (٢٧ - ٣١)، والمغزى أنّ الله تعالى لا يعاقب الناس بما يعلمه من سوء سرائرهم ولكن حتى تظهر أفعالهم إلى حيز التنفيذ.

﴿والقرآن بما فيه من أمثال هذه الحكم والعبر ميسّر لكل ذي عقل سليم أن يتذكّر الفطرة السليمة: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٣٢)

ثم تنتقل السورة إلى قصة قوم لوط مثلا رابعا: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ﴾ (٣٣)

وقد استغرقوا في الفحش الشاذ وكذّبوا بالنذر استكبارا وعتوّا فكان عاقبة أمرهم حجب إدراكهم السليم وطمس قلوبهم بميولهم الشريرة وفساد فطرتهم كما هي سنته تعالى في أمثالهم: ﴿إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ * وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ * فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ﴾ (٣٤ - ٣٩)

﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٤٠) بأمثال هذه العبر.

ومثلا خامسا قصة قوم فرعون وبعثة موسى إليهم: ﴿وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١)﴾، وقبل موسى جاءتهم بعثة يوسف فشكّكوا بها ثم بعد موته أيقنوا على ضلال أن ليس من رسل: ﴿وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ [غافر ٣٤/ ٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>