للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا دأب الرسل في الصبر على التكذيب والأذى حتى يأتي نصر الله ﴿وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ﴾ وعد الله بنصر رسله لا يمكن أن يتطرق إليه الخلف والتبديل، وهو كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ﴾ [الصافات: ٣٧/ ١٧١ - ١٧٢]، وقوله عزّ شأنه ﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٥٨/ ٢١].

﴿وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ أي ولقد جاءك يا محمد بعض أنباء المرسلين في هذا القرآن، كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر: ٤٠/ ٧٨]، وقوله عزّ شأنه ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٣٥/ ٢٤]، وهو تأكيد لسنته تعالى في نصر الرسل، والعبرة أيضا أن الله تعالى وعد المؤمنين، في كل زمن، ما وعد المرسلين به من النصر.

﴿وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ﴾ (٣٥)

٣٥ - ﴿وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ﴾ أيها الرسول - وينطبق على كل داعية - إن عظم عندك وشقّ عليك رفضهم الرسالة ﴿فَإِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ﴾ أي معجزة خارقة - غير القرآن - لكي يؤمنوا، والمعنى أنك لن تستطيع وما اقتضت مشيئة الله ذلك، وأي آية أكبر من القرآن؟ ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى﴾ لألجأهم إلى الإيمان إلجاء، أو لجعلهم كالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ولكن ذلك ينافي التكليف المبني على حرية الخيار ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ﴾ بسنّته تعالى في خلقه.

﴿إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>