(٦٣/ ٣٣)، ثم في سورة سبأ تأكيد وقوعها: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ (٣/ ٣٤).
[محور السورة]
إنّ التشكيك بالآخرة ناتج عن عمى البصيرة لدى المكذّبين، إذ إن كل شيء في عالم المشاهدة، وفي عالم الغيب، يشير إلى حتميتها: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ (٩)، ممّا يدل على أنّ ما يرونه من عالم المشاهدة هو أقل القليل مما هو في عالم الغيب، ثم في قصة سليمان نلاحظ أن المعارف الدنيوية لا تغني شيئا إن لم يصاحبها الهدي الإلهي: ﴿فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ﴾ (١٤)، وفي قصة سبأ أن المنجزات البشرية مهما عظمت فهي عابرة وإلى زوال: ﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ (١٦)، وبالرغم من ذلك فالإنسان معتد بحوله وقوته، دائم الجحود يكفر النعمة: ﴿ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ﴾ (١٧).
لكن الغرور لا يصل بالمؤمنين إلى التبجح باحتكار الحقيقة، بل يتركون الحكم بينهم وبين المكذّبين إلى الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ﴾ (٢٤ - ٢٦)، رغم أن المكذّبين ينكرون إمكانية الوحي الإلهي مطلقا: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ (٣١) وإنكارهم ليس مقتصرا على القرآن بل على ما تبقى بين يديه من الوحي الصحيح من الرسالات السابقة، وبعبارة أخرى إنهم يريدون التهرب