في الدين فإنّه يثقل عليه أن يدعى إلى خلافها، ويثقل عليه أن يواجه بضعفها وركاكتها وبالدلائل القاهرة على فسادها، ولا سيّما إذا كان المدعو متمسّكا بالتقليد معرضا عن تقويم الدعوة الجديدة تقويما عقلانيا من حيث جدارتها وأحقيتها، أو إذا كان من جهلة العوام، فإذا تضافرت مع ذلك القيود الاجتماعية أو المصالح الدنيوية الآنيّة أو كلاهما، اشتدّ حرجه واشتدّت نفرته من الدعوة ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾ لا تتركوا شيئا من إمكاناتكم وخططكم إلاّ أجمعتم على حشدها ضدّي، أو كونوا في حالة إجماع في أموركم بشأن دعوتي لكم ﴿وَشُرَكاءَكُمْ﴾ واجمعوا معكم شركاءكم المزعومين من الأوثان التي تسمونها آلهة ومن الزعماء والرؤساء الذين تدّعون فيهم الألوهية ﴿ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ ليكن أمركم واضحا بلا إبهام ﴿ثُمَّ اُقْضُوا إِلَيَّ﴾ ذلك الأمر الذي تريدون بي ﴿وَلا تُنْظِرُونِ﴾ لا تمهلون - لأنّ الإنظار والنظرة بمعنى الإمهال - ومغزى قول نوح ﵇ أنه قد بلغ الغاية في التوكل على الله، ولا يكترث بهم، لأنّ الله تعالى ينصر رسله ويكفيه شرورهم، فلا يصل كيدهم إليه.
٧٢ - ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ عن الرسالة وبقيتم على إعراضكم عن دعوتي لكم ﴿فَما سَأَلْتُكُمْ﴾ مقابل تذكيري ووعظي ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ لم أطلب منكم شيئا من منافع الدنيا فيثقل ذلك عليكم، ولا أخاف أن تقطعوا عنّي خيرا إذ لا أطمع بشيء منكم ﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ ثوابي ﴿إِلاّ عَلَى اللهِ﴾ وحده سواء آمنتم أو أعرضتم ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ المستسلمين لأمره تعالى والمنقادين لحكمه.
٧٣ - ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ أصرّوا على تكذيبه ﴿فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ﴾ من المؤمنين ﴿فِي الْفُلْكِ﴾ وهي السفينة التي صنعها بأمره تعالى ﴿وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ﴾