للفرد أن يستذكر جماعة المسلمين في دعائه إذ لا بدّ أن يكون فيهم من يستحق الإجابة،
أما مفهوم العبادة فواضح من قوله تعالى: ﴿وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات ٥١/ ٥٦]، فمغزى خلق الجن والإنس هو العبادة، بمعنى معرفة الله ﷿، والإقرار بالتوحيد، والاستسلام لمشيئته تعالى في الخليقة المتمثلة في قبول الرسالات المتتالية التي نزلت على الأنبياء والرسل وختامها الإسلام، وتكييف الحياة والمعيشة وفق ذلك، فالعبادة تعود بالسعادة وبالنفع على العباد وحدهم، لأنه تعالى غنيّ عن العالمين لقوله: ﴿ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات ٥١/ ٥٧ - ٥٨].
﴿اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (٦)، أي بيّن لنا الطريق المستقيم وثبّتنا عليه كي لا ننحرف عن الصواب، إذ بعدما حبى الله تعالى عباده هداية العقل، ثم هداية الرسل، لم يبق للعبد سوى الدعاء بالتوفيق واللطف الإلهي.
﴿صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ (٧)، الذين استفادوا من نعمتي العقل وهدي الرسل، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ الذين رغم أنهم عرفوا الرسالة وأيقنوا بها إلاّ أنهم يجحدونها من موقع الاستكبار، كما في قوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِها وَاِسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل ٢٧/ ١٤]، وقوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ﴾ [النحل ١٦/ ٨٣].
﴿وَلا الضّالِّينَ﴾ (٧)، الذين لم تصلهم الرسالة السماوية، وفي حال أنها وصلتهم فقد وصلت إليهم بصورة مشوهة بحيث لم يفقهوا حقيقتها، أو أنها وصلتهم وهم متشبّثون بالتقليد مستسلمون للأفكار الموروثة في تجاهل واضح لدور العقل.