للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٠ - ﴿وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً﴾ مراغما مشتقة من الرّغام وهو التراب، أي إن المسلم بهجرته يرغم أنوف أعدائه الذين كانوا يضطهدونه، لأنه يحصل على مأوى يمارس فيه حريته الدينية، ويجد فيه متسعا من العيش والرزق، ويدعو فيه إلى الإسلام في أرض الله الواسعة ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾ أي قد وجب أجره على الله ولو لم يتحقق له مراده، لأنه يكفي حصول نية الهجرة مع الإخلاص فيها ﴿وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ أي كان تعالى جلّ شأنه منذ الأزل، وما زال، غفورا لأمثال هؤلاء المهاجرين يغفر ما كان من ذنوبهم وقعودهم إلى أن هاجروا، ويرحمهم بإكمال أجرهم.

﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً﴾ (١٠١)

١٠١ - انتقال الخطاب لبيان أحكام الصلاة خلال السفر، سواء كان الغرض من السفر الهجرة أو القتال أو غيره: ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ أي إذا كنتم على سفر، مهما كان الغرض منه، وليس بالضرورة للجهاد في سبيل الله، إذ لم يقل تعالى: «إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ» كما في الآية (٩٤)﴾، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ أباح تعالى قصر الصلاة في السفر ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي بالهجوم المفاجيء عليكم، وقد بينت السنة الشريفة قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين لمجرد السفر دون الخوف، أما شرط الخوف فليس مقتصرا بالضرورة على زمن الحرب بل تقصر الصلاة أيضا إذا كان الخوف من قطاع الطرق وأمثالهم ﴿إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً﴾ لا تفوتهم فرصة للإيقاع بكم، فإذا اجتمع الخوف والسفر معا أباح تعالى قصر أركان الصلاة، فيكتفى بالإيماء عن الركوع والسجود، انظر آية [البقرة: ٢/ ٢٣٩]، وقد أباح تعالى قصر عدد الركعات كما سيرد في الآية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>