﴿وأن لا يكون عطاؤه للناس بغرض الاستكثار من مال الدنيا، كما لا يستكثر ما يمنن به على الفقراء: ﴿وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ (٦)
والصبر على ما هو مقبل عليه من مصاعب الدعوة: ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ (٧)
وأن ينذر الناس بيوم القيامة والحساب: ﴿فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ﴾ (٨)
يوم يكون حساب الكافرين عسيرا: ﴿فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ (٩ - ١٠)، ونلاحظ أن هذا أول ذكر للكفار في القرآن الكريم إذ هذه السورة الثالثة أو الرابعة في ترتيب النزول، فالكافر ليس بالمعنى الفقهي، وإنما بمعنى منكر الحقيقة كقوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ﴾ [الحديد ٢٠/ ٥٧] فسمّى الزرّاع كفارا لأنهم يغطون البذور بالتراب، فصار كل من يغطي الحقيقة عن نفسه أو ينكرها كافرا.
وأنه بعد إنذار الناس بيوم الحساب يبقى حساب الكفار على الله تعالى وحده: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً﴾ (١١)، ويحتمل المعنى أيضا أنه تعالى وحده الخالق، وأيضا أن الإنسان يولد وحيدا ويموت وحيدا،
وأنّه تعالى أنعم على الكافر من المال الكثير: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً﴾ (١٢)
ووهبه من البنين يكونون إلى جانبه: ﴿وَبَنِينَ شُهُوداً﴾ (١٣)
ومهّد له سبل معاشه: ﴿وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً﴾ (١٤)
وهو يطمع بالمزيد: ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ﴾ (١٥)
مع أنه معاند للوحي الإلهي مصرّ على إنكار الحقيقة: ﴿كَلاّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦)﴾