٣٠ - ﴿وَجَعَلُوا﴾ الذين بدّلوا نعمة الله كفرا ﴿لِلّهِ أَنْداداً﴾ أي أشباها بما ابتدعوه من آلهة ﴿لِيُضِلُّوا﴾ قومهم ﴿عَنْ سَبِيلِهِ﴾ عن سبيل الله القويم وهو التوحيد، وقد ذكر الرازي أن اللام في قوله ﴿لِيُضِلُّوا﴾ هي لام العاقبة، وخاصة إذا قرئت بفتح الياء، والسبب أن المشار لهم مشركون لا يعتقدون أنهم في ضلال بل يزعمون أنهم مهتدون ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا﴾ وخذوا حريتكم في ما تتقلبون به من حياة وصحة وأمان واستسلموا لحاضركم وأنتم في غفلتكم عن الغيب، فإن حالكم الآن ليست سوى تمتع بالمقارنة مع ما سوف تصلون إليه، فكأنهم لا يملكون لأنفسهم سوى الامتثال لأمر الشهوة التي تأمرهم بالتمتع، وهذا الأمر قد يكون مجازا عن التخلية والخذلان كما ذكر الزمخشري ﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النّارِ﴾ لأنها النهاية الطبيعية لتلك البداية.
٣١ - ﴿قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ في مقابل الذين بدّلوا نعمة الله كفرا وجعلوا لله أندادا ﴿يُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ لأن الإيمان ليس بنطق الشهادتين فقط ﴿وَيُنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ﴾ ليعيشوا معنى العبادة تطبيقا عمليا ﴿سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾ بإخفاء صدقة التطوع وإعلان الواجب ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ﴾ فلا يفيد المال شيئا ﴿وَلا خِلالٌ﴾ فلا يغني فيه أحد عن أحد.
٣٢ - بعد أن أسهبت السورة في وصف أحوال المؤمنين وأحوال الكفار، ولما كان ذلك كله متعلقا بمعرفة الله تعالى، تبين الآيات ٣٢ - ٣٤ بعض الدلائل على وجود الخالق وكمال قدرته وعلمه: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ﴾ بما