للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسوف نلاحظ أيضا ارتباطا عامّا بين مجموعة سور الطواسين الثلاث المتقدمة: (الشعراء - النمل - القصص) وبين مجموعة سور (ألم) الأربع التي تليها:

(العنكبوت - الروم - لقمان - السجدة).

[محور السورة]

إن الذين يبذلون الجهد في سبيل التوصل للعلم اليقيني ويجاهدون النفس والهوى ينعكس جهادهم إيجابا على أنفسهم فتسمو مراتبهم الروحانية: ﴿وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ﴾ (٦)، ومن جملة هذا الجهاد إعمال العقل، والانفكاك من الفكر المتحجّر المتوارث: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٨).

لكنّ تمسّك بعض الناس بالتقليد وبفكر الآباء المتحجّر بلغ مبلغا في قوم نوح أنه لبث فيهم تسع مئة وخمسين عاما وهو يدعوهم إلى التوحيد فلم يستطع أن يثنيهم عن ضلالهم: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ﴾ (١٤)، وكذا كان الأمر في دعوة إبراهيم إذ تمسّكوا بعبادة ما اعتادوا عليه وتوارثوه من الأوهام والزيف: ﴿إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاُعْبُدُوهُ وَاُشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (١٧)، وكذا الأمم العديدة التي كذّبت رسلها رغم مقدرة الاستبصار التي أودعهاتعالى في بني آدم، وهي المقدرة على التوصل إلى الحقيقة عقلا - بالدلائل العقلية - فلم يستفد منها المكذّبون: ﴿وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ (٣٨)، والسبب يكمن في الاستكبار الذي يعمي البصيرة: ﴿وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ﴾ (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>