للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٧ - ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ﴾ إتمام الخطاب من الآيات السابقة، والمعنى أنّ الله تعالى غضب عليهم ولعنهم لأنهم تفاخروا وزعموا أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم، لأنه بزعمهم ادعى أنه رسول الله، فلم يؤمنوا به وحرّضوا الحاكم الروماني في فلسطين على قتله، وقد يكون المعنى أنهم تفاخروا بقتله مع أنه رسول الله، أو مع علمهم أنه رسول الله ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ﴾ نفي قاطع لقتل أو صلب المسيح ﴿وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ أي خيّل لهم قتل المسيح واشتبه عليهم موضوع القتل ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ﴾ والاختلاف في قتل المسيح واقع بين المسيحية أنفسهم لا يجمعون على خبر يقيني، فمنهم من يعتقد أن المصلوب كان شخصا غيره في الوقت الذي كان المسيح واقفا في مكان قريب يضحك من ضلالهم، ومنهم من يعتقد أن المصلوب كان عيسى نفسه غير أنه لم يمت على الصليب بل كان حيا حين أنزل منه، ومنهم من يقول إنه مات على الصليب غير أنه عاد إلى الحياة وتحدث إلى تلاميذه عدة مرات، وروايات عديدة أخرى ليس لهم بها من اليقين شيء، فهم يتّبعون الظن والتخمين ﴿وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ أي لم يقتلوه على وجه اليقين، والمعنى أنهم كانوا شاكّين فيما إن كانوا قتلوه أم لا؟ وفي فصل (الصلب) من كتاب (المسيحية والإسلام والاستشراق) للكاتب المزيد من التفصيل عن هذا الموضوع،

﴿بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ (١٥٨)

١٥٨ - ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ﴾ ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي مستوفي أجلك في هذه الدنيا لأنّ أصل التوفي في اللغة هو أخذ الشيء وافيا، ثم استعمل بمعنى الموت، راجع تفسير [آل عمران: ٣/ ٥٥]، والرفع ذو معنيين فمن جهة هو تشريف الله للمسيح برفعه إليه، ومن جهة ثانية أن كيد الماكرين الذين تآمروا على قتل المسيح لم يكن ذا بال لأنه تعالى رفعه إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>