للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَسَقُوا﴾ الذين خرجوا عن الحق ﴿أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ معناه أنهم يمتنعون باختيارهم، مرجّحين الشرك والكفر، لقوله تعالى ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر ٧/ ٣٩].

﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ﴾ (٣٤)

٣٤ - وهذه الحجة الثانية بعد الحجة المشار إليها بالآية (٣١): ﴿قُلْ﴾ لهم أيها النبي، أو أيها المسلم ﴿هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ﴾ الذين تزعمون لهم شركا في الألوهية، كالأصنام والأوثان والأرواح والملائكة المشار إليهم في الآية (١٨) والآية (٢٨)، ممّن يشفعون لهم عند الله بزعمهم ﴿مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ إشارة إلى موت وتجدد الحياة العضوية باستمرار برهانا على البعث، لأنهم يعلمون أن ذلك ليس بقدرة الشركاء المزعومين، بل هم في منتهى العجز ﴿قُلِ اللهُ﴾ وحده دون غيره ﴿يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ إنّكم تعلمون ذلك علم اليقين، وتشاهدونه باستمرار ﴿فَأَنّى تُؤْفَكُونَ﴾ كيف تصرفون عن الحق؟ فالفطرة التي سلمت من الفساد، والعقل الذي سلم من العصبية، يقرّان بذلك.

﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ (٣٥)

٣٥ - بعد الإشارة في الآيات (٣١ - ٣٣) إلى معجزات الخالق ﷿ في الرزق، والمعجزات الكونية الباهرة، والهداية، وإشارة الآية (٣٤)﴾ إلى معجزة الحياة والموت، والعجز التام للشركاء والشفعاء المزعومين، تشير هذه الآية إلى مفهوم آخر، وهو أن الله وحده يهب الإنسان العقل بما يمكنّه من النظر في الدلائل والوصول إلى الحقيقة، وهذه الحجة الثالثة: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ﴾ من رؤساء الكفر والضلال، والشفعاء والأولياء والقديسين ومن تدّعون فيهم بعض صفات الألوهية ﴿مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ لأن الله وحده واهب العقل والفكر والنظر والفطرة السليمة، يبعث الرسل وينزّل

<<  <  ج: ص:  >  >>