١١٩ - ﴿إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ فاستفادوا من ألطافه تعالى ومن بعثه الرسل وإنزاله الوحي، فاتفقوا على حكم كتاب الله فيهم ﴿وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ أي لحرية الخيار، وما ينتج عنه من الاختلاف والتفرق في آرائهم وعلومهم ومعارفهم وعواطفهم، وما يتبع ذلك من إرادتهم واختيارهم، ومن ذلك اختيارهم الدين والإيمان والطاعة والعصيان ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ أي الكافرون والعصاة والمجرمون منهم، الذين لم يهتدوا بما أرسلت به الرسل، والذين شوّهوا الفطرة السليمة، واختاروا العمى على الهدى.
١٢٠ - ﴿وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ﴾ وكل نوع من أنباء الرسل، كما في هذه السورة، نقصّ عليك، أيها النبيّ، أو أيها المسلم، و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض، أي نقص عليك من أنباء الرسل ليس لمجرّد التأريخ، وإنما نقصّ عليك منها ما فيه العبر والفائدة ﴿ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ﴾ ما يزيد اليقين والطمأنينة في القلب، لأن تكاثر الأدلة أثبت للقلب، وأرسخ للعلم ﴿وَجاءَكَ فِي هذِهِ﴾ الأنباء ﴿الْحَقُّ﴾ بيان الحق الذي دعا إليه جميع الرسل من التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء، والحض على العمل الصالح ﴿وَمَوْعِظَةٌ﴾ لّمن يتعظ بعواقب مّن قبله ﴿وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ لبيان أسباب انحطاط الأمم وانهيارها،
﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنّا عامِلُونَ﴾ (١٢١)
١٢١ - ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ ولم تؤثر فيهم هذه البيانات والعبر البالغة ﴿اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ على حالتكم التي أنتم عليها ما تستطيعون ﴿إِنّا عامِلُونَ﴾ ما نستطيع، من الثبات على الدعوة، وتنفيذ أمر الله وطاعته.