للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصالته منذ نزوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ (١٨)، لقوله تعالى: ﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ﴾ (٢٣)، وقوله تعالى: ﴿قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (٢٨)، وقوله تعالى: ﴿وَاِتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ (٥٥).

لكنّ عزوف الكفار عن القرآن وعن التوحيد ناتج من خشيتهم مواجهة مسؤولياتهم الأخلاقية وما يترتب عليها من نتائج لازمة لها، في حين أن إقبالهم على عبادة الشركاء الوهميين يعفيهم من ذلك بحسب ظنهم: ﴿وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اِشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ (٤٥)، بل إنهم ينسبون ما بهم من نعم في الدنيا إلى حذاقتهم وذكائهم ومكرهم مع أنها قد تكون فتنة لهم: ﴿فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٤٩).

بالمقارنة مع نصر المؤمنين على أنفسهم، الأمر الذي يضمن نجاتهم: ﴿وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اِتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٦١)، ومع ذلك فالجهلة مصرّون على عبادة الأوهام والزيف: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ﴾ (٦٤)، بتأثير التكبر والإعجاب بالنفس ما يوردهم الهلاك: ﴿قِيلَ اُدْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ (٧٢)، التكبر الذي هو موضوع سورة غافر التالية.

﴿تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)

<<  <  ج: ص:  >  >>