اليقين والاطمئنان والسلام الداخلي، ممّا يناله ذوو الإيمان اليقيني، وبسبب أنّ الحياة عندهم ليس لها مغزى ولا غاية سوى التهالك على المادة والدنيا،
﴿وَما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ المعنى أن طعنهم في النبوّة لم يكن سببه أنهم وجدوا تناقضا أو اختلافا في الرسالة، وإنما السبب جحودهم نعمة الهداية، وجحودهم النعم المادية والمعنوية التي تمتعوا بها وتمتعت بها المدينة بعد نشوء دولة الإسلام بها، وهذ المعنى في الجحود غير مقتصر على المنافقين في زمن البعثة والنبوّة، بل يتعداه إلى أمثالهم في كل الأزمنة ﴿فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ﴾ لأن فضل التوبة والهداية يعود عليهم ﴿وَإِنْ يَتَوَلَّوْا﴾ عن التوبة والهداية ﴿يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ﴾ انظر شرح الآية (٥٥) ﴿وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ التي جعلوها قصارى همّهم ﴿مِنْ وَلِيٍّ﴾ يتولى أمورهم ﴿وَلا نَصِيرٍ﴾ يحقق لهم النصر، وقد تحقق ذلك بزوال شوكتهم وغلبة الإسلام عليهم.
٧٥ - ﴿وَمِنْهُمْ﴾ من المنافقين، وهو صنف آخر منهم ﴿مَنْ عاهَدَ اللهَ﴾ نذر نذرا أو أقسم قسما، سرّا في نفسه، أو جهرا أمام الناس ﴿لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ﴾ من الأموال والأرزاق ﴿لَنَصَّدَّقَنَّ﴾ صدقة المال، وهي الزكاة الواجبة، وغيرها من صدقة النفل ﴿وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ في الاستعانة بهذا المال على الاستقامة والصلاح.
٧٦ - ﴿فَلَمّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ بأن رزقهم تعالى ما طلبوه من المال وسعة الرزق ﴿بَخِلُوا بِهِ﴾ ظهرت ماديتهم وتغلبت عليهم أنانيتهم، فلم يدفعوا الزكاة الواجبة، ولم يتصدّقوا بشيء ﴿وَتَوَلَّوْا﴾ انصرفوا عن العهد الذي قطعوه أمام الله ﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ عن العمل الصالح وعن الصدقة، وجملة ﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ حاليّة أي إن بخلهم وانصرافهم عن العهد لم يكن عرضا مؤقتا، بل