[الدخان ٦/ ٤٤]، وقد وردت عبارة ﴿رَحْمَةً﴾ بمعنى الوحي الإلهي في أربع آيات من سورة هود: هود [٧٣/ ١١، ٦٣، ٢٨، ١٧]،
﴿وأنّ الإنسان خلق ضعيفا [النساء ٢٨/ ٤] تعميه الدنيا والمادة والثراء الفاحش عن الحياة الروحية والأخلاقية فيزداد جشعا وأنانية وقسوة، ولولا أن يغتر البشر بالدنيا فيصبحوا جميعا أمة واحدة على الكفر لبسط الله لهم متاع الدنيا وزخرفها: ﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ﴾ (٣٣ - ٣٤)،
فلا يكون ذلك لهم سوى متاع الحياة الدنيا في حين أنّ حسن الختام في الآخرة يكون للمتقين: ﴿وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٣٥)،
وأن الغفلة عن (ذكر الرّحمن)، أي القرآن، تفتح الأبواب للشيطان ليدخل حياة الإنسان ويتحكم بها، وقالوا أن الله تعالى يعاقب على المعصية بمزيد من اكتساب السيئات: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ (٣٦)، وذلك اتصال المعنى مع الآية ٣٣ لأن من حصل على الجاه والمال الكثير غفل فصار كالأعشى أي الأعمى عن ذكر الله، وقد تحدّث القرآن الكريم عن شياطين الإنس والجن [الأنعام ١١٢/ ٦].
فالشياطين يصدّون الغافلين عن السبيل الصحيح، في حين يحسب الغافلون أنهم مهتدون: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (٣٧)،
ثم يوم الحساب يتمنى الغافل أو الكافر لو كان بينه وبين قرين السوء مسافة بعيدة جدا كبعد المشرقين المتتالين بعضهما عن بعض: ﴿حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)﴾،