للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النظم في السورة]

﴿تبدأ السورة بالإشارة للقلم وما يسطرون، كرمز لفن الكتابة وتسطير السجلات وبالتالي للمعرفة التراكمية، وإلى مقدرة الإنسان الفريدة لنقل المعرفة والفكر بواسطة القلم - ومشتقاته - من فرد لآخر ومن ثقافة لأخرى ومن جيل لآخر حتى صارت المعرفة والعلوم تراكمية على مرّ العصور: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ﴾ (١) وفيه إشارة أيضا إلى أوّل ما نزل من الوحي على النبي بقوله تعالى: ﴿اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ [العلق ٣/ ٩٦ - ٤] في إشارة لتعلم الإنسان من الوحي.

ورغم معجزة الوحي والقلم فقد اتهموا النبي عند نزول الوحي عليه بالجنون، وهذا الاتهام لم يكن مقتصرا على النبي في عصره، بل هو شائع في كل وقت بين الكفار إذ يتهمون كل مؤمن بالله واليوم الآخر بالجنون، وهو ما تفنّده الآية: ﴿ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ (٢)

بل إن اتهامهم للنبي بنقيض ما هو عليه يستوجب له الأجر العظيم لعلوّ منزلته عند الله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ (٣) وأن أجره لا انقطاع فيه ولا منّة.

وأن الدين الذي جاء به دين الخلق العظيم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (٤) وفي حديث عائشة أنّ النبي كان خلقه القرآن.

وما دام الأمر بهذا الوضوح فإن الجنون واقع بهم وليس بالنبي، وإن هذا الأمر من الوضوح بحيث لا يلبث أن يظهر: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ (٥ - ٦)

وأنّ علمه تعالى قد سبق فيمن يميل إلى الضلال وفيمن يميل إلى الهدى: ﴿إِنَّ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>