وتقرر عودة القبلة إلى مكة كعلامة من علامات انتقال النبوة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل بعد أن رفض بنو إسرائيل آخر أنبيائهم عيسى المسيح ﵇(الآيات ١٤٢ - ١٥٢).
وتحدد نواة وأسس بناء المجتمع الإسلامي الجديد والدولة الإسلامية، متضمنا أسس التشريع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والديني (الآيات ١٥٣ - ٢٨١).
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
﴿الم﴾ (١)
١ - ﴿الم﴾ تسعة وعشرون سورة من سور القرآن الكريم، كلها مكية عدا البقرة وآل عمران، تبدأ بما يسمّى بالحروف المقطّعات، ويلاحظ أنّ عدد هذه السور يساوي عدد حروف الهجاء، إذا اعتبرنا الألف والهمزة حرفين، وهي تقارب ربع مجموع سور القرآن الكريم، ولا شك أنّ فواتح السور هذه جزء لا يتجزأ من تلك السور، فقد تواترت الأخبار بقراءتها كما نزل بها الوحي على النبي ﷺ.
ويحتمل أنّ استخدام المقطعات كان شائعا زمن نزول الوحي من قبل الشعراء والخطباء كصور بلاغية ذات مغزى ويلاحظ ذلك في بعض الأمثلة التي وصلت إلينا من الأدب العربي الجاهلي، فيحتمل إذن أنّ معاني المقطّعات كانت واضحة للعرب وقت التنزيل، ولم تكن بالنسبة إليهم شيئا محيّرا، إذ لم يصل إلينا أثر عن استفسار الصحابة ﵃ فيما يتعلق بمعانيها، فالقرآن الكريم نزل بلغتهم، قال تعالى: ﴿بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ٢٦/ ١٩٥].
وقد رأى الرازي أنّ تفسير ألفاظ المقطعات بناء على ما فيها من الحروف، كقولهم مثلا، ﴿الم،﴾ بمعنى أنا الله أعلم، أو قولهم أنّ ﴿المص﴾ بمعنى: ألم نشرح لك صدرك، وقولهم أن ﴿طسم﴾ تعني طور سيناء وموسى، وأنّ ﴿الر﴾