للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أمهلتهم ولم أعاجلهم بالعقوبة وأعطيتهم الفرص في المال والعمر، وأتحت لهم فرص التفكّر والنظر والتوبة ﴿ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ بسوء أعمالهم وبإصرارهم على الجحود والتجبر والنكران ﴿فَكَيْفَ كانَ عِقابِ﴾ إذ لم ينتفعوا بما كانوا عليه من نعمة العقل ونعمة الوحي الذي نزل على أنبيائهم.

﴿أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ﴾ (٣٣)

٣٣ - ﴿أَفَمَنْ هُوَ﴾ الله تعالى ﴿قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ﴾ رقيب مهيمن عليها ﴿بِما كَسَبَتْ﴾ من الخير والشر فيجزيها وفق عملها حتى تتحقق العدالة على تمامها، ومع ذلك جعلوا له شركاء في منتهى العجز لا يقدرون على شيء:

﴿وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ﴾ لا تضر ولا تنفع ﴿قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ إن شئتم، واطلقوا عليهم ما تشاؤون من الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، فالشركاء من التفاهة والعجز المطلق مهما كانت أسماؤهم ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ﴾ أي بشركاء مستحقين للعبادة؟ وقد أحاط تعالى بكل شيء علما، فيستحيل أن تعلموا بشيء وهو لا يعلمه ﴿أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ ممّا لا حقيقة له كالشركاء ومن غير معنى متحقق في أسمائهم ﴿بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ﴾ فبدا لهم باطلهم حسنا ﴿وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ﴾ عن سبيل الحق ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ﴾ فلا يجبره تعالى على الهدى بل يتركه ويخلّيه لنفسه وعناده.

﴿لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ﴾ (٣٤)

٣٤ - ﴿لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ بالآفات التي تصيبهم نفسيا أو جسديا ﴿وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ﴾ من عذاب الدنيا ﴿وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ﴾ يدفع عنهم العذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>