للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخلفية التاريخية]

سورة التوبة ذات علاقة بالأحداث التي تلت صلح الحديبية (ذي القعدة العام ٦ هجرية)، فخلال مدة عامين بعد الصلح أخذ الإسلام ينتشر سلما وتزداد قوته في الجزيرة العربية بصورة كبيرة، ممّا أدّى إلى جزع قريش ونفاد صبرها، فنقضت شروط الصلح بأن زودت بالسلاح حلفاءها من بني بكر وظاهرتهم على حلفاء النبي من بني خزاعة حتى اعتدوا عليهم، وقتّلوا منهم، فلم يمهل النبي قريشا أن تحشد قواها للعدوان فبادرها بفتح مكة (رمضان العام ٨ هجرية)، ثم جمعت الجاهلية فلولها في محاولة أخيرة للقضاء على المسلمين في وقعة حنين (شوال العام ٨ هجرية) فلحقت بها الهزيمة، ومن ثمّ دخلت الجزيرة العربية بكاملها في الإسلام خلال عام واحد بعد وقعة حنين، عدا جيوب محدودة متفرقة منها.

وقد ساهم في نجاحات المسلمين الأحداث التي تمت على الجبهة الشمالية في سورية قبل فتح مكة بأربعة شهور، ففي شهر (جمادى الأولى العام ٨ هجرية) بعث النبي قوة مكونة من ثلاثة آلاف رجل لمجابهة تحدي بيزنطة وقبائل العرب المتحالفة معها بعد أن قتلوا رسل النبي التي تدعوهم إلى الإسلام، وفي مؤتة كان اللقاء بين قوة المسلمين الصغيرة من جهة، وبين قوة ضخمة من الروم والعرب الغساسنة من جهة ثانية قيل إن عددها بلغ مئة وخمسين ألفا، وحتى لو كان هذا الرقم مبالغا فيه فالنتيجة أن المسلمين تمكنوا من قتال عدوهم ثم الانسحاب من المعركة دون أن يحقق الروم نصرا حاسما عليهم.

وكانت بيزنطة قد توجسّت من انتشار الإسلام في جزيرة العرب، وخشيت من توحيد العرب في دولة قوية، فلم يشأ هرقل إمبراطور بيزنطة أن يترك أمر المسلمين يتعاظم، خاصة بعد فتح مكة وانتصار المسلمين في حنين، فاستعدّ مع حلفائه من عرب الشام لغزو المسلمين في المدينة وحشد الجيوش لذلك، ثمّ لم تلبث هذه الأخبار أن وصلت إلى النبي ولم تنقض سوى ستة شهور بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>