واستعيرت من غمر الماء كناية عن الشدة الغالبة ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ من العذاب إن استطعتم، وقيل هي بمعنى أخرجوا أنفسكم من أجسامكم إزهاقا وتشديدا بلا إمهال، قال الرازي: قال المفسرون: إن نفس المؤمن تنشط في الخروج للقاء الله، ونفس الكافر تكره ذلك فيشق عليها الخروج، وهو معنى الحديث:«من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه»،
﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ﴾ العذاب مقترنا بالشعور بالهوان، وهو جزاء الاستكبار كما سيرد: ﴿بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ﴾ بإنكار بعثة النبي الأحمد خاتم الأنبياء والرسل، وافتراء كتب من عندكم ﴿وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ واستكباركم عن دراسة وتفهم الوحي.
٩٤ - ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى﴾ منفردين عن أهلكم وإخوانكم وأنصاركم وأعوانكم ﴿كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ في بطون أمهاتكم ﴿وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ﴾ ما خولناكم من المال والجاه والزعامة - لأنكم كنتم مفوضين بها غير مالكين لها - فأصبحتم يوم القيامة عاجزين عن الانتفاع بها لأنكم لم تقدموا منها لآخرتكم ﴿وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ﴾ كالأصنام والأولياء والزعماء وأصحاب القبور والقديسين ورجال الدين ومدعي النبوة الذين كنتم تدعوهم ليشفعوا لكم عند الله بزعمكم ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ تقطع ما كان بينكم من الوصل بزعمكم ﴿وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ ضل عنكم الشفعاء المزعومون، وضلت عنكم أوهامكم التي كنتم تركنون إليها، ولم يبق أمامكم إلا مواجهة الحقيقة.