للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧١ - ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ﴾ بقبولها، وبالتوفيق في المجيء بها صالحة ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ باستقامتكم في القول والعمل يجعل أعمالكم مكفّرة لذنوبكم ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ في الأوامر والنواهي ﴿فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ لا يقدّر قدره.

﴿إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ (٧٢)

٧٢ - ﴿إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ﴾ قالوا في الأمانة أقوالا كثيرة: منها العقل ومقدرة الإنسان على الخيار بين الصواب والخطأ، وما يترتب على ذلك من مسؤولية، ومنها الطاعة التي هي من أفعال المكلّفين، كالتكاليف الشرعية والفرائض وصعوبتها، فهي كل ما يؤتمن عليه ويطلب حفظه ورعايته، وعبّر عنها بالأمانة تنبيها على أنها حقوق مرعيّة أودعهاتعالى المكلّفين وائتمنهم عليها، وأوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد، وقبل الإنسان حملها رغم ثقل مسؤوليتها، مع الإيذان بأن ما صدر عن بني آدم من الطاعة كان بعد قبول الأمانة والتزامها اختيارا من غير جبر، وقد حملها الإنسان بما خلق وجبل عليه من استعداد فطري، وبتكليفه إياها يوم الميثاق، وقبوله القولي لها، يوم أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، [الأعراف ١٧٢/ ٧]، وعبّرتعالى عن ثقلها بأن لو كلّفت الأجرام السماوية بها وكانت ذات شعور وإدراك، لأبت حملها اختيارا ولخافت منها ﴿إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ بعدم وفائه ما تحمّل من مسؤولية، فكان مفرطا في الظلم، مبالغا في الجهل، والإشارة إلى غالب أفراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة، فلم يقهر سلطان العقل عندهم شهوتي الظلم والجهل، كما أنّ التكليف لم يعدّل قوى الظلم والجهل عندهم ولم يكسر حدّتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>