٥٨ - ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ وسعت رحمته المؤمنين والعصاة على السواء ﴿لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ﴾ المغزى: إنّ الله تعالى يعطيهم الفرص لعلهم يتوبون ويصلحون ﴿بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً﴾ لا منجا ينجون إليه، بعد نقطة اللاعودة، والموعد قد يكون بوفاتهم في الدنيا، كما هو مذكور بالآية التالية:
٥٩ - ﴿وَتِلْكَ الْقُرى﴾ المجتمعات ﴿أَهْلَكْناهُمْ لَمّا ظَلَمُوا﴾ بإصرار، ولأزمان طويلة ﴿وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً﴾ وقتا عندما يحين لا يستأخرون عنه، فلا تستمر شرورهم بلا عقاب،
٦٠ - وهذه القصة الثالثة في السورة، ويلاحظ ارتباط الخطاب مع الآية (٥٤)﴾ بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾، ما معناه أيضا أن العلوم لا متناهية وخاصة الروحانية منها، ومن ذلك قصة موسى مع الخضر في بحثه عن العلم، وكما في معظم قصص القرآن الكريم نلاحظ التركيز على العبر المستخلصة من القصة، فهي تروى في إطار مجرّد من التأريخ ومن المكان:
﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ﴾ لخادمه ﴿لا أَبْرَحُ﴾ لا أنفكّ، ولا أزال أسير حتى ﴿حَتّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾ قيل هما التقاء خليج العقبة مع خليج السويس في جنوب سيناء، ونسب البعض لمجمع البحرين تفسيرا صوفيا، كما ذكر البيضاوي، حيث قال: هما علم الظاهر الذي نتعلمه من عالم المشاهدة، وعلم الباطن الذي كان يسعى إليه موسى ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ زمانا طويلا في السعي وراءه،