للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشير إلى سننه تعالى في المجتمعات والأمم التي تخفق في الاستفادة من العقل والوحي والحرية على النحو السوي فتتفسّخ ويحين أجلها الدنيوي، فتنهار المجتمعات والحضارات والدول ﴿وَأَتاهُمُ الْعَذابُ﴾ الذي كانوا يستعجلون وقوعه تحدّيا وتهكّما، الآية (١)، ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾ إذ الفساد يتغلغل فيهم شيئا فشيئا، ويدبّ الشرك الخفي فيهم فيستكبرون، ويلهثون وراء دنياهم ويعبدون شهواتهم ودنياهم وأوهامهم، وهم غارقون في غفلتهم من حيث لا يشعرون،

﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ (٢٧)

٢٧ - ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ﴾ فضلا عن الخزي الذي لحقهم في الحياة الدنيا المشار إليه آنفا ﴿وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ﴾ في زعمكم واعتقادكم؟ ﴿الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ﴾ فجعلتم أنفسكم وأوهامكم وعبوديتكم للمادة في شقّ، والمؤمنون والإيمان والوحي في شقّ آخر، فيمتنع الجواب عليهم، فيقول الذين أوتوا العلم: ﴿قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ الذين استفادوا من الدلائل العقلية والوحي ﴿إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ فهي العاقبة الطبيعية لما كانوا عليه في دنياهم من الجحود والغفلة،

﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٢٨)

٢٨ - استمرار الخطاب من الآية المتقدمة أي: ﴿إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ﴾ يوم القيامة ﴿وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ وهم:

﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ ظلموا أنفسهم بالجحود والنكران وعبادة الدنيا، حتى حان أجلهم قبل أن يتوبوا، فعرّضوا أنفسهم للعذاب المقيم في الآخرة ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ﴾ بخلاف ما كانوا عليه في دنياهم من الشقاق والتكبّر، لم يكن بوسعهم سوى الاستسلام والانقياد والخضوع في أول

<<  <  ج: ص:  >  >>