عند الله ﴿وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ﴾ أي أثبت للشاهد إذا كتب بخطه ثم رآه تذكر به الشهادة، لاحتمال أن ينساه لو لم يكتبه ﴿وَأَدْنى أَلاّ تَرْتابُوا﴾ منعا للريبة والشك في القيمة والأجل، فترجعون عند التنازع إلى الكتاب ﴿إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها﴾ عندما يكون الأجل قريبا والتجارة يومية فالكتابة ليست فرضا، ولكن لا مانع من الكتابة كما في المعاملات التجارية اليوم حيث يكتب إيصالا ﴿وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ﴾ أوجب تعالى الشهود على كلّ مبايعة غير المشار إليها في التجارة الحاضرة ﴿وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾ أصل الكلمة (يضارر) وأدغمت، فإذا قرأت بفتح الراء الأولى يكون المعنى أنّه لا يجب مضايقة الكاتب أو الشهود أو إكراههما أو الضغط عليهما أو تحميلهما مسؤولية ما تمّ كتابته، وإن قرأت بكسر الراء الأولى يكون المعنى نهي الكاتب والشهود عن الانحياز إلى طرف والإضرار بالآخر ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ أي فإنّه فسوق كائن بكم، والمعنى يكون بكم إثم ومعصية ﴿وَاِتَّقُوا اللهَ﴾ فيما حذّر منه ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ كيفية التعامل وحفظ الأموال ﴿وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ بمصالح عباده وغيرها.
٢٨٣ - في هذه الآية والتي قبلها جعل تعالى المعاملات على ثلاثة أقسام:
الأولى بكتاب وشهود، والثانية برهان مقبوضة، والثالثة بالأمانة:
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ أي في يد صاحب الحق، واتّفقوا على أنّ الرهن يجوز في السفر والحضر، وفي حال وجود الكاتب أو عدمه، وإنّما ذكرته الآية في السفر على سبيل غالب الأحوال، وذلك شبيه بقصر الصلاة وقت الخوف، وليس الخوف شرطا لجواز القصر، ﴿فَإِنْ أَمِنَ﴾