للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧ - ﴿يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ﴾ لا يوقعنّكم في الفتنة بما يمنعكم من دخول الجنة، والفتنة هنا هي الاستمالة بالشهوات، عن طريق الوساوس والإغراء، والمراد لا تغفلوا عن وساوس الشيطان فتنخدعون وتقعون في المعاصي، والنتيجة أن وساوس الشيطان تمكّن الإنسان أن يكون مختارا لعمله الصالح أو الطالح ﴿كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما﴾ فسّر بعضهم هذا اللباس معنويا بمعنى ينزع عنهما لباس التقوى ليوقعهما في المعاصي، وجعله بعضهم الآخر حسّيا ﴿إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ فيوسوس لكم من حيث لا تشعرون، وقبيله بمعنى جماعته ﴿إِنّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ أي خلّينا بينهم وبين العمل بوساوس الشياطين، كونهم لا يؤمنون إيمانا حقيقيا، إذ يتّبعون الأهواء، ويتمسّكون بالتقليد وبالعصبية، ثم يحاولون إيجاد المبررات لضلالهم، كما سيرد في الآية التالية:

﴿وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ (٢٨)

٢٨ - ﴿وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً﴾ الكلام عن غير المؤمنين الذين اتخذوا الشياطين أولياء، المشار إليهم في الآية السابقة، والفاحشة الفعلة القبيحة المتناهية في القبح، ممّا تنكره الشرائع والفطرة السليمة، انظر شرح الآية (٣٣)﴾، ﴿قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا﴾ يعتذرون بالتقليد وأنهم نشؤوا على ذلك، مع أنه تعالى نهى عن التقليد، وأمر بالتفكر بالحجج والدلائل واستخدام العقل ﴿وَاللهُ أَمَرَنا بِها﴾ يعتذرون بالجبرية، ويزعمون أن لو شاء الله تعالى ما اقترفوها، وقد تكون الإشارة إلى اليهود، من ضمن غيرهم من الأمم، لأن اليهود يتّبعون كتبهم التي يسمونها مقدسة، ويزعمون أنها وحي، مع أنها من تحرير الأحبار، فهي تحض على القتل والسرقة والغدر وأكل الربا من غير اليهود، وتقرّ بأفظع الفواحش والموبقات والمنكرات وشتى أنواع الزنى والعهر وعمليات الغدر والخداع بالأغيار، أي غير اليهود، وتبرّرها، انظر شرح آية [البقرة ٥٩/ ٢]، وآية [آل عمران ٧٥/ ٣]، ﴿قُلْ﴾ لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>