للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتواضع والشكر عليها، بل يأمن مكر الله، وهو معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص ٧٦/ ٢٨]، إشارة إلى فرح البطر بالنعمة.

﴿إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ (١١)

١١ - ﴿إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ على ما أصابهم من الضرّاء إيمانا بالله واحتسابا للأجر ﴿وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ في جميع أحوالهم وخاصة بعد كشف الضراء عنهم وتبديل النعماء بها ﴿أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ تمحو ذنوبهم وتسترهم من الفضيحة ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ في الآخرة.

﴿فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ (١٢)

١٢ - ﴿فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ أي لا تعجل في الترك بل كن من الصابرين الذين يعملون الصالحات، وهو ارتباط الآية بما قبلها، وقالوا إنّ لعل هنا للتبعيد وليس للترجّي، والخطاب للنبي ، فالمعنى يستحيل أن تترك بعض ما يوحى إليك ويستحيل أن يضيق به صدرك، والترك المشار إليه هو ما يشقّ على المشركين سماعه كالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك والإنذار والوعيد الشديد لهم أنظر الآية (٢)﴾، ﴿أَنْ يَقُولُوا﴾ أي مخافة أن يقولوا ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ لأنّ كفار قريش قالوا للنبي : اجعل لنا جبال مكة ذهبا إن كنت رسولا، أو أنزل عليك من الرزق ما تستغني به وتغني أتباعك وأنصارك من الكد والعناء، وإن كنت صادقا فهلاّ أنزل الله معك ملكا يشهد على نبوّتك ويعينك على أمرك فتزول الشبهة عن دعوتك، والخلاصة أنهم أحجموا عن استعمال عقولهم في فهم الدعوة، وأصرّوا على أدلّة مادية حسية ﴿إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ﴾ ليس عليك إلا أن تنذرهم بالدعوة وتدعوهم لاستخدام العقل، والباقي على الله: ﴿وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ الموكل بأمور عباده والرقيب عليها، وليس عليك أيها النبي من أمور الخلق والتدبير شيء، وإنّما عليك البلاغ والدعوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>