﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ﴾ الإشارة لقوم إبراهيم تعود في الأرجح إلى السومريين فيما بين النهرين، وقد انقرضت دولتهم بسيطرة البابليين عليهم حوالي العام ٢٠٠٠ ق. م. ﴿وَأَصْحابِ مَدْيَنَ﴾ وهم قوم شعيب في جنوب فلسطين، راجع شرح آية [الأعراف ٨٥/ ٧]، ﴿وَالْمُؤْتَفِكاتِ﴾ هي قرى لوط ومفردها مؤتفكة، وقد ائتفكت بأهلها أي انقلبت فصار عاليها سافلها، أو أنّ أحوالها انقلبت من الخير إلى الشر، وقد وردت الإشارة لهؤلاء الأقوام في عدّة سور من القرآن الكريم ولخّصت هذه الآية خبرهم والعبرة منه: ﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ﴾ بالمعجزات وبراهين الحقيقة، فأعرضوا عنها، فعجّل الله هلاكهم ﴿فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ بسوء العاقبة التي توصّلوا إليها ﴿وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بنتيجة العناد والجحود والمكابرة، ونظير هذا المعنى كثير في التنزيل، ومنه قوله تعالى: ﴿ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ﴾ [الأنعام ١٣١/ ٦]، وقوله جلّ ثناؤه ﴿وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً﴾ [الكهف ٥٩/ ١٨]، راجع أيضا آيات [هود ١١٧/ ١١، ١٠٢] و [الإسراء ٥٨/ ١٧، ١٦، ١٥] و [الشعراء ١٠٨/ ٢٦] و [القصص ٥٩/ ٢٨].
٧١ - بعد أن وصفت الآيات (٤٢ - ٧٠) طبائع المنافقين وسلوكهم ومساوئهم والمآل الذي ينتهون إليه، تبين هذه الآية والتي تليها صفات المؤمنين، والمقابلة بين مآلهم ومآل المنافقين، عطفا على الآيات (٦٧ - ٧٠):
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ أي في التناصر والأخوّة والمودّة والأثرة، وقد شبّه النبي ﷺ جماعتهم بالجسد الواحد، وبالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا، في حين أن المنافقين لا ولاية بينهم إلاّ ظاهريا،