أحدهما تقمّص شخصية داوود، والآخر تقمّص شخص قائده العسكري - أوريا - ولم يدرك داوود ذلك حتى نهاية القصة ﴿بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ﴾ ظلم أحدنا الآخر، أي داوود ظلم أوريا ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ﴾ لا تتجاوزه ﴿وَاِهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ﴾ إلى وسط طريق الحق، بزجر الباغي وإرشاده إلى منهج العدل.
٢٣ - ﴿إِنَّ هذا أَخِي﴾ وهي أخوّة الدين، أو أخوّة الصداقة والألفة ﴿لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ﴾ هذه القصة الرمزية تشير إلى زعم اليهود في العهد القديم أن داوود، وهو على سطح قصره، لمح زوجة أحد قادته - أوريا - وهي عارية تستحم في بيتها، فأمر بإحضارها ودخل بها، كما أمر أن يوضع زوجها في مقدمة الجبهة حتى قتل، ثمّ تزوج داوود من المرأة - باث شيبا - فأنجبت له سليمان (سفر صموئيل الثاني ٣/ ١١ - ٢٦)، وكان لداوود وقتئذ تسع وتسعون زوجة (نعجة)، والقائد العسكري أوريا لم يكن له سوى هذه الزوجة (نعجة واحدة)، وهذه القصة يناقضها القرآن الكريم من جهتين:
أولا: أن داوود لم يأمر بإرسال أوريا إلى الجبهة ليقتل وإنما ضغط عليه أن يطلّق زوجته حتى يتزوجها برضاه، وثانيا: أنه لم يدخل في المرأة حتى تزوجها.
﴿فَقالَ﴾ أحد الخصمين للآخر، أي داوود للقائد في القصة الرمزية ﴿أَكْفِلْنِيها﴾ المعنى: تنازل عن النعجة أي عن زوجتك وملّكنيها، أي طلّقها حتى أتزوجها، قال الرازي: إنه كان مألوفا في أهل ذلك الزمان أن يسأل أحدهم الآخر أن يطلّق امرأته حتى يتزوجها ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ﴾ ضغط عليّ وغلبني في طلبه، فلم أطلق أن أردّه، وهو قول أوريا القائد.