للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿مِيثاقَكُمْ﴾ أي ما دام الإيمان مستندا على الأدلة: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (٨) فأي شيء يمنعه من الإيمان؟

﴿ومع أن الإنسان يلزم أن يكون مؤمنا بالفطرة، وبمجرد استخدامه العقل والتفكر في معجزة الخلق، فقد أنعم تعالى على البشر بإنزال الوحي على رسوله حتى تطابقت الدلائل العقلية والنقلية: ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ﴾ (٩) فلا يترك العباد يتخبطون بلا هدي.

والإنسان بمنزلة الوكيل المؤقت فيما يملك إذ لا يلبث أن يذهب ويترك ماله، وأن الإنفاق قبل تحقق النصر أكثر ثوابا من الإنفاق بعده، فأي شيء يمنعه من الإنفاق؟ ﴿وَما لَكُمْ أَلاّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (١٠)

ومن إحسانه تعالى وفضله على العباد أن جعل الإنفاق في سبيل الله بمثابة قرض يؤتي ثماره في الآخرة، مع أن المال هو مال الله أصلا: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ (١١)

وأن معرفة الله ﷿، والعمل بمقتضى الإيمان، يكونان نورا لصاحبهما يوم القيامة: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (١٢)، وقوله: ﴿وَبِأَيْمانِهِمْ﴾ إشارة ضمنية إلى صالح العمل الذي أنجزوه في دنياهم.

في حين يصاب المنافقون والمنافقات بالخذلان، فيقولون للمؤمنين انتظرونا أو انظروا إلينا حتى نقتبس من نوركم، وهو كلام ينمّ عن جهل ويأس، لأن تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>