٤٢ - ٤٤ - ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾ أيها الرسول، فلا عليك من إكراههم، ولا تبادرهم بالقتال، إلا أن يبادروك بالعدوان أولا، كما حدث في وقعات بدر وأحد والخندق، وصلح الحديبية، ووقعة تبوك ﴿فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ﴾ أمهلتهم ﴿ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ أخذ عزيز مقتدر، بعد إصرارهم على الضلال ﴿فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ أي كيف كان إنكاري عليهم إصرارهم على الضلال، فغيّرت ما كان بهم من رغد الحياة والنعم وحضارة البلاد حتى انقلب كل ذلك إلى ضده، وهذا الأخذ ليس مقتصرا على الأمم المذكورة، بل هو عام في كل وقت بمقتضى سننه تعالى في خلقه، كما هو مبين في الآيات التالية (٤٥ - ٥١):
٤٥ - ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها﴾ بمقتضى سنننا في الخليقة ﴿وَهِيَ ظالِمَةٌ﴾ انظر [هود ١٠٢/ ١١، ١١٧]، ﴿فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها﴾ على سقوفها، لأن العروش السقوف، والمعنى تعطّل بنيانها فتهدّمت حيطانها وخرّت سقوفها ﴿وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ﴾ في البوادي والمزارع تركت لا يسقى منها لهلاك أهلها وأصحابها ﴿وَقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ صار خاويا بهلاك أهله، ويحتمل المعنى أيضا أن الذين حلّ بهم الهلاك كانوا يعطّلون الآبار، أي المشاريع المفيدة الإنتاجية، في حين كان زعماؤهم يبنون القصور المشيدة وينفقون عليها وعلى صيانتها لراحتهم الشخصية بدلا من العمل لمصلحة شعوبهم كما نرى اليوم في الكثير من بلدان المسلمين.