للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النظم في السورة]

﴿التين والزيتون إشارة إلى البلدان التي انتشرت فيها هاتان الشجرتان في شرق البحر الأبيض المتوسط منذ القدم، وهي البلدان التي تميزت ببعثات الأنبياء، من إبراهيم إلى موسى إلى عيسى ، والإشارة إلى جبل الطور في سيناء حيث نزل الوحي على موسى، ثم كانت بعثة عيسى في فلسطين، آخر أنبياء بني إسرائيل: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ﴾ (١ - ٢)

إلى أن نسخت ديانتيهما ببعثة النبي الأحمد خاتم الأنبياء والرسل في البلد الأمين مكة الذي جعله تعالى حرما آمنا: ﴿وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ (٣)

ثم تشير السورة إلى مغزى خلق الإنسان في أحسن تقويم فيزيائي ومعنوي بحيث يستطيع من خلال إرادته الحرة وباستفادته من الهدي السماوي أن يسمو روحيا إلى أعلا المراتب التي خلق لأجلها: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ (٤)

أو ينحط إلى الدرك الأسفل بإفساد فطرته السليمة التي فطر عليها باتباعه الشهوانية والحيوانية والشذوذ والإجرام: ﴿ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ﴾ (٥)، كما يحتمل المعنى أيضا أن الإنسان يرتد في شيخوخته إلى أسفل سافلين جسديّا وعقليا لكي لا يعلم من بعد علم شيئا، انظر آية [الحج ٥/ ٢٢]،

وفي المقابل يتمتع الذين آمنوا وأثبتوا إيمانهم بالعمل الصالح بأجر لا ينقطع ولا ينقص: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ (٦)

فأنّى للإنسان بعد ذلك أن يكذّب بالوحي وبالمعايير السامية التي نزل بها أو يشكك بمغزى الخلق والفطرة السليمة، فذاك معناه تكذيب بالقيامة والحساب والآخرة والعدالة الإلهية: ﴿فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ﴾ (٧ - ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>