للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اِثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ (٣٦)

٣٦ - بعد أن أوضحت الآيات (١ - ٢٨) سياسة الإسلام تجاه مشركي العرب، ثم أوضحت موقف الإسلام تجاه أهل الكتاب في جزيرة العرب وخارجها بالآيات (٢٩ - ٣٤)، وأظهرت مساوئهم جميعا من مشركين وأهل كتاب، يعود الخطاب لبيان نوع آخر من قبائح المشركين، وهو أنهم كانوا ينتهكون الأشهر الحرم عن طريق التلاعب في توقيتها لتوافق مصالحهم الدنيوية وأهواءهم:

﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ﴾ أي عدد شهور السنة ﴿عِنْدَ اللهِ﴾ أي في تقديره، لقوله تعالى ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ [الفرقان ٢/ ٢٥]، ولقوله جلّ ثناؤه ﴿فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام ٩٦/ ٦]،

﴿اِثْنا عَشَرَ شَهْراً﴾ وهي الشهور القمرية المعروفة المعتبرة أساسا للأحكام الشرعية، ولأن حساب الشهور يسهل، على أيّ كان، بالمشاهدة العينية للقمر، وبصورة طبيعية، أكثر من الحساب الاعتباري لشهور السنة الشمسية، ومن حكمة الشهور القمرية أنها تجعل شهر الصيام وشهر الحج يدوران على كل فصول السنة ﴿فِي كِتابِ اللهِ﴾ فيما أوجبه وحكم به، لأن الكتاب في هذا الموضع هو الحكم والإيجاب، كقوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ﴾ [البقرة ٢١٦/ ٢]،

﴿يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ﴾ منذ بدء الخليقة ﴿مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ وهي ثلاثة شهور متتالية: ذي القعدة وذي الحجة والمحرّم، لأن السفر إلى الحج في الحجاز والعودة منها تكون في هذه الأشهر الثلاثة، وشهر رجب حرّم بمفرده في وسط السنة لتقليل شرور القتال والعدوان، ولتسهيل السفر للعمرة، كما حرّمت مكة وما حولها على مدار العام لتأمين الحج والعمرة ﴿ذلِكَ﴾ أي عدد

<<  <  ج: ص:  >  >>